لم أسكتِ الآن غصَّ الحرفُ في رئتي
كأن غـزةَ غــزتْ حـبلَ حـنجـرتـي
واستحلفـتـني بأن لا أنـتمي أبـداً
إلا الى الـحرفِ مـتـراسـاً ومـحـبرتـي
إلا الى الريـح إن سارت مـعاكسةً
يا ويـحَ غـزةَ خانـت كلُّ أشـرعـتـي
لا الخيلُ لا الليلُ لا البيداءُ تعرفني
لا السيفُ لا الرمحُ لا الـقرطاسُ في شـفتـي
ها ألـجمتـني دموعُ الطفلِ واقـفةً
ها أنـحني الآن قـزماً تـحت أسئـلتي
أين الـخيالُ ، دمـاءُ الناس تربكـني
هل لي بوصف جحيـمٍ دون أخيلـتي
غـيمُ القصائدِ لا يُـملي على ورقي
إن ضاقت الأرض صدراً فيه من سعةِ
**********
قالت من الصمت إذ أحزانها نطقتْ
سقفُ العواصمِ يرجو نعلَ أضرحتي
إن كان والله يـؤذي ضربُ جـمجمتي
لا أكذبُ الله مـوتي جرح خاصرتي
صوتـي إلى الله قـبل الأرض أرسلـهُ
كفو أذى النـوحِ ليـس النوح من صفتي
مـليـارُ صـدرٍ وبـردٍ جـئتُ عـاريـةً
بين الحصارين صارَ الـموتُ مدفأتي
وصـرتُ وجـهاً وقـاموساً وخارطـةً
سبـابـةُ المـوتِ فيها ظـلُ بوصلـتي
وصـرتُ للخـوفِ تاريـخاً ومئذنةً
وكـبَّـرَ المـوتُ أيـامــاً بـمـئـذنـتي
قـمْ فالصلاةُ جـنـازاتٌ وقد جُمعتْ
إلا الخـوالفُ في رجـوى لمـعذرتي
بعـضُ النفوسِ صـغارٌ في تعاظـمـها
ويعظمُ الطفلُ نفساً تحت ملحمتي
لم يخجلِ الصمتُ إلا في منازلتي
لم يطلبُ المجدُ سقفاً فوق منزلتي
**********
أرخيتُ للشعر حبلَ المترفين فمـاً
وكـنتُ أسـقيـهِ قبل الـيوم أوردتـي
وقلتُ غزة ، حدِّثْ ما تـرى فبكى
حتى غدا الدمعُ دون الحرفِ مـفردتي
من أين أبدأ قلتُ الموتُ ملحمةٌ
فـاطـلقْ يراعـكَ واخترْ لون مـحرقتي
إن الشعـوبَ رسـالاتٌ يـكـفنها
حبُّ السـلامةِ فـاعتـادي على لـغـتي
إن الشعوبَ مـناراتٌ ويـطفـؤها
لـونُ الرغـيـفِ فكـوني أنتِ أرغفـتي
إن الشعوبَ صباحاتٌ يبـددها
ذلُّ الـنعـيم إذا مـا ابـتـلَّ بـالـعـنــتِ
حبُّ الحياة وإن أزرى بصاحبهِ
مـوتى على الأرض إنـَّـا دون مـقبـرةِ
لا اسأل الله ردا للقضاء فذا
حكمٌ عليّ ولكن لطف خاتمي